سورة الحديد - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحديد)


        


{مَّن ذَا الَّذِي يُقرِضُ اللَّهَ قَرضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجرٌ كَرِيمٌ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ} يعني على الصراط {بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} يعني عن أيمانهم. قال بعضهم: أراد جميع جوانبهم، فعبر بالبعض عن الكل وذلك دليلهم إلى الجنة.
وقال قتادة: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن أبين وصنعاء ودون ذلك حتى أن من المؤمنين من لا يضيء نوره إلا موضع قدميه».
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة، ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم، وأدناهم نورا من نوره أعلى إبهامه فيطفأ مرة ويَقِدُ مرة.
وقال الضحاك ومقاتل: {يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم} كتبهم، يريد أن كتبهم التي أعطوها بأيمانهم ونورهم بين أيديهم. وتقول لهم الملائكة: {بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.


{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا} قرأ الأعمش وحمزة: {أَنِظرونا} بفتح الهمزة وكسر الظاء يعني أمهلونا. وقيل انتظرونا. وقرأ الآخرون بحذف الألف في الوصل وضمها في الابتداء وضم الظاء، تقول العرب: انْظُرْني وأَنْظِرْني، يعني انتظرني. {نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} نستضيء من نوركم، وذلك أن الله تعالى يعطي المؤمنين نورًا على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط، ويعطي المنافقين أيضا نورًا خديعةً لهم، وهو قوله عز وجل: {وهو خادعهم} [النساء- 141] فبيناهم يمشون إذ بعث الله عليهم ريحًا وظلمة فأطفأت نور المنافقين، فذلك قوله: {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا} [التحريم- 8] مخافة أن يسلبوا نورهم كما سلب نور المنافقين. وقال الكلبي: بل يستضيء المنافقون بنور المؤمنين، ولا يعطون النور، فإذا سبقهم المؤمنون وبقوا في الظلمة قالوا للمؤمنين، انظرونا نقتبس من نوركم.
{قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ} قال ابن عباس: يقول لهم المؤمنون وقال قتادة: تقول لهم الملائكة: ارجعوا وراءكم من حيث جئتم {فَالْتَمِسُوا نُورًا} فاطلبوا هناك لأنفسكم نورًا فإنه لا سبيل لكم إلى الاقتباس من نورنا، فيرجعون في طلب النور فلا يجدون شيئًا فينصرفون إليهم ليلقوهم فيميز بينهم وبين المؤمنين، وهو قوله: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ} أي سور، والباء صلة يعني بين المؤمنين والمنافقين وهو حائط بين الجنة والنار {لَه} أي لذلك السور {بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ} أي في باطن ذلك السور الرحمة وهي الجنة {وَظَاهِرُه} أي خارج ذلك السور {مِنْ قِبَلِهِ} أي من قبل ذلك الظاهر {الْعَذَابُ} وهو النار.


{يُنَادُونَهُم} روي عن عبد الله بن عمر قال: إن السور الذي ذكر الله تعالى في القرآن {فضرب بينهم بسور له باب} هو سور بيت المقدس الشرقي باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب وادي جهنم.
وقال شريح: كان كعب يقول: في الباب الذي يسمى باب الرحمة في بيت المقدس: إنه الباب الذي قال الله عز وجل: {فضرب بينهم بسور له باب} الآية. {ينادونهم} يعني: ينادي المنافقون المؤمنين من وراء السور حين حجز بينهم بالسور وبقوا في الظلمة: {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} في الدنيا نصلي ونصوم؟ {قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ} أهلكتموها بالنفاق والكفر واستعملتموها في المعاصي والشهوات وكلها فتنة {وَتَرَبَّصْتُم} بالإيمان والتوبة. قال مقاتل: وتربصتم الموت وقلتم يوشك أن يموت فنستريح منهُ {وَارْتَبْتُمْ} شككتم في نبوته وفيما أوعدكم به {وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِي} الأباطيل وما كنتم تتمنون من نزول الدوائر بالمؤمنين {حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ} يعني الموت {وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} يعني الشيطان، قال قتادة: ما زالوا على خدعة من الشيطان حتى قذفهم الله في النار.

1 | 2 | 3 | 4 | 5